صدور تعميم بمنع توزيع المنشورات الإعلانية على المنازل وداخل الأحياء من أمانة مدينة الرياض أمر محمود، انتظرناه ووصل. وهو تجاوب لما جاء في هذه الزاوية، حتى وإن لم يذكر ذلك. ليس هذا بالأمر المهم، بل المهم أنك إذا تفحصت الغرامات على المخالفين تجد أنها لن تحدث أثراً يذكر، من 100 ريال إلى 500 ريال، ماذا سيفعل مثل هذا المبلغ لمجمع تجاري أو سلسلة مطاعم… إلخ؟… لا شيء. لعلم الأمانة أن العامل المكلف بتوزيع هذه المنشورات يحصل على مبلغ مماثل للغرامة عن كل كمية يوزعها، بل إن بعض هؤلاء العمال هم من عمال البلدية! لا يلام هؤلاء على استثمار أوقات فراغهم أو حتى دوامهم، اللوم يقع على الجهة الرقابية التي تركت هذا الأمر إلى أن استفحل.
بعد نشر الصحف لتعميم أمانة مدينة الرياض راقبت أبواب المنازل، ولاحظت انخفاضاً في عدد المنشورات الموزعة ليوم أو يومين، ثم حدث إنزال منشوراتي ضخم لأحد المجمعات التجارية الجديدة الذي اختار نهراً في أوروبا اسماً له.
هذا نموذج بسيط من القاع لأثر الغرامات على المخالفات، وهي مخالفات معلنة، بمعنى أن اسم المخالف يوضع على كل باب. مثل هذه الغرامات اللطيفة ستدفع مع الشكر من الباحثين عن إعلان بأرخص السبل، هم يحققون أهدافهم بالمخالفات، وإذا راجعت الغرامات الأخرى على مخالفات في قطاعات متنوعة ستجد واقعاً مشابهاً، فقط تختلف الأرقام، لنصعد إلى فوق إلى القمة الرقمية مع أصحاب الملايين من المضاربين في سوق الأسهم لنرى أن غرامات هيئة سوق المال التي تطبق أحياناً بعشرات الملايين لم تؤثر وتخفف من المخالفات، السبب أن من خالف حقق أضعافها أرباحاً، ولا بد أنه وضع حساباً لهذه الغرامة، ولا مانع لديه من المخالفة مرة أخرى.
والأصل في غرامات المخالفات أن تحدث ردعاً وتضع خطاً أحمر، لا أن تطبق ولا تحقق أثراً يذكر، وهي دعوة لإعادة النظر في غرامات المخالفات لنرى هل من جدوى لها. بوضعها الحالي، أرى أن الغرامات تشجع على المخالفات.
ولأننا في دائرة البلديات، وعلى رغم صدور تعليمات واضحة من جهات عليا بمنع بيع مياه زمزم، لأسباب كثيرة منها أسباب صحية، إلا أن عبواتها البلاستيكية منتشرة، ويضع المحل لوحة في واجهته تخبرك أن لديه مياه زمزم “مضمونة”، ولست أعلم ما هي الضمانة أو على ماذا؟ والقوة في وضع إعلانات لبيع الممنوع وعلى الواجهات يشير إلى قدرة على دفع الغرامات أو عدم التفكير بها أصلاً.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط