الحقيقة أنها ليست “كل “الحكومة بل جزء منها، والمقصود هنا، وزارة العمل السعودية، والموضوع إنشاء شركة تحتكر استقدام الأيدي العاملة في البلاد، من خلال جمع مكاتب الاستقدام العاملة في السعودية تحت مظلة واحدة، بحيث يكون الاستقدام امتيازاً حصرياً لها! بعد أن أوقفت وزارة العمل التراخيص لهذا النشاط منذ فترة، “فمن سبق لبق”، والعجيب أن تفرض فكرة الشركة أمراً واقعاً، وعلى الآخرين الرضوخ، تحت مبدأ “فرد حمزة ثائر ثائر”، وعملاً بقولهم “كل يحوش النار لقريصه”، والمعنى أن كل واحد حريص على نضج رغيفه ولا علاقة له بأرغفة الآخرين نضجت أم احترقت، كل هذا يمكن فهمه في أوساط رجال الأعمال، إلا انه لا يمكن ابتلاعه لدى جهات حكومية معنية بمصالح الجميع.
إذا أردت أن تستزيد معلومات ضافية عما يدور في كواليس الاجتماعات تجب عليك قراءة ما كتبه رجل الأعمال أ/ عبدالعزيز الجعيدي، يوم الخميس في صفحة بريد “الحياة”، وأشكر له شجاعته الأدبية واقتبس نقطتين مما ذكر، يذكر الجعيدي انه على هامش اجتماع للجنة “الوطنية” للاستقدام ضم مسؤولين من وزارة العمل طُرح الآتي:
“قيل لنا بوضوح تام إذا لم توافقوا على قيام هذه الشركة فان المستثمرين غيركم جاهزون لإنشائها وتشغيلها، وهو القول نفسه لأحد المسؤولين السابقين في اجتماع قبل سنوات عدة. فهل تكرار الأسلوب يهدف فقط لانتزاع الموافقة وتهديد أصحاب المكاتب غير الموافقين أو لإظهار الرأي أمام المسؤولين أن هذه هي رغبة أصحاب النشاط؟
مما قيل في الاجتماع إن الشركة المزمع إنشاؤها ستلاحق المواطن وتقاضيه، ولكن ماذا عن حقوق المواطن عند تلك العمالة في أوطانها أم أن هذا الشأن خارج اختصاص الشركة؟” انتهى.
الركض السريع لإنشاء شركة تحتكر الاستقدام هدفه واضح، مع أن الإصلاح الاقتصادي يدعو إلى إشاعة المنافسة وكسر الاحتكار، “انظر إلى قطاع الاتصالات والنقل الجوي على سبيل المثال”، إلا وزارة العمل ولجنة الاستقدام، تعاكس هذه الاستراتيجية الوطنية، والسبب أن لدى البعض غرفة، والمواطن ليس لديه غرفة تدافع عن مصالحه، ولدى البعض لجنة والمواطن ليس لديه لجنة تدفع عنه الأضرار التي أصابته وتصيبه، والجهات الحكومية، وزارة العمل مثلاً، تستقبل لجان الغرف ولا علاقة لها بمن ليست لديه لجنة أو يبيت خارج الغرف.
“ملاحقة المواطن ومقاضاته”! هنا تبرز الشطارة و “الوطنية” وبدعم رسمي، أما ملاحقة حقوق المواطنين مع المقصرين من مكاتب الاستقدام والمخالفين والهاربين من العمالة فلا يجري ذكرها، لأن “من أمه بالدار يبشر بالحليب والخيار”!
إنشاء شركة مساهمة لاستقدام الأيدي العاملة حق لمن يرغب، لكن ليس من الحق ولا العدل أن تقدم لها هدية الامتياز الحصري في بلد يتحدث مسؤولوها كل يوم عن المنافسة والاقتصاد المفتوح، وتوفير الفرص لصغار المستثمرين.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط