“حادثة مرورية في المنطقة الشرقية تكشف عصابة سرقت 154 منزلاً”!، هذا ملخص خبر نشرته “الحياة” الأسبوع الماضي، أرشح هذه الحادثة لتكون حادثة مرور العام، فهي “أفضل” حادثة مرورية قرأت وسمعت عنها في حياتي، قام السائق بالهرب وتم القبض عليه، وعند التحقيق معه اتضحت خيوط سرقة 154 منزلاً، وهو رقم كبير، ولست أعلم هل إدارة المرور قامت بالتحقيق أم الشرطة لأقدم الشكر لأهل الفضل؟ السؤال الكبير والضخم ضخامة إعصار “غونو” أين الشرطة في “الشرقية” ضباطاً وأفراداً عن 154 جريمة سرقة لعصابة واحدة؟
ثم بودي أن أعرف هل سُجلت قضايا السرقات تلك كلها ضد مجهول؟ وكم جريمة لدينا مسجلة ضد مجهول يا ترى؟ ربما قيدت بعضها ضد أناس آخرين! لست أعلم. باب الاجتهاد مفتوح أمام خبر مثل هذا.
أعتقد بأننا بحاجة ماسة إلى مؤشر للجريمة، لنعلم كل يوم أو أسبوع في أي موقع نحن أمنياً. عانينا وما زلنا نعاني من حالات إنكار عدة، ويمكن لي أن أطلق عليها “ظاهرة الإنكار”، عشنا فترات تم فيها إنكار أن سرقة السيارات ظاهرة، ووضعت المسؤولية على أصحابها، وفترات أخرى تم إنكار أن التسول ظاهرة، وأدت تلك التبريرات إلى تأخر كبير في المواجهة، إلى أن تحولت الظاهرة إلى ظواهر فانحسرت موجة الإنكار.
في التسول، مثلاً، تحصنت ظاهرة الإنكار بأن نسبة 90 في المئة من المتسولين هم من غير المواطنين، ثم قالت بضعف الإمكانات وتالياً تعدد الجهات الخ… وهذا لا ينفي استفحال الظاهرة وخطرها، وما بين الإنكار والاعتراف فترة زمنية ثمينة جداً كان يمكن خلالها وَأْد العصابات في مهدها قبل أن تتضخم وتكبر كروشها وتوطّن أعمالها، لينضم إليها أجيال جديدة من المراهقين. نعيش الآن حال إنكار أن لدينا جريمة منظمة، وقد يخرج علينا بعض المنظرين بتعريفات متناقضة لماهية الجريمة المنظمة، لندخل إلى نفق شبيه بنفق تعريف الفقر مع تركه على حاله أو إعلان القضاء عليه بالتصريحات الصحافية الساخنة.
سرقة 154 منزلاً من ستة مجرمين رقم كبير، ولم أعرف المدة الزمنية التي تمت فيها هذه السرقات لأتمكن من تقدير الرقم القياسي “المنجز” لهؤلاء اللصوص، إلا أنه رقم كبير من عصابة واحدة، ربما هي سرقات القرن من حيث العدد. الحادثة والسرقات في عهدة الأمن وهي تشير أيضاً إلى حقيقة الحال الأمنية، والمطلوب المكاشفة والشفافية لمعرفة الأسباب، تمهيداً للبحث عن الحلول… نحن في سفينة واحدة، وإذا لم يتم ذلك أقترح إنشاء “جمعية ضحايا السرقات” واختصار اسمها “مسروقون” ربما تكون أكبر الجمعيات عدداً في الأعضاء.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط