صوت المجالس البلدية

انتظر الناس وما زالوا ينتظرون أدواراً أكبر من المجالس البلدية. وتوقعوا، بحكم انتخاب بعض أعضائها من الجمهور، أن تكون خارج نطاق البيروقراطية، جهازاً فعالاً يمتاز بالمرونة، وألا تتحول منجزاتها إلى عدد من الاجتماعات، وتقف عند استقبال الاتصالات.
ومع التأخر الملاحظ في بداية عمل هذه المجالس من تاريخ انتهاء الانتخابات، يلاحظ أيضاً أن صوتها خافت، كأنها بدأت للتو في قراءة برامجها. ويظهر أن من أسباب ذلك حدود صلاحياتها من جانب، ومن الجانب الآخر كونها جهات جديدة مستحدثة قد ترى الأطراف الأخرى أنها تزاحمها على صلاحيات كانت من شأنها وحدها لفترة طويلة جداً، ولا تنتقد عليّ تقصير تم بسبب إداراتها، اللهم إلا في كلمات تنشرها بعض الصحف بين فترة وأخرى و “بحسب التساهيل”. أيضاً المجالس البلدية لا تملك سلطة سوى كتابة الخطابات لجهة أو أخرى لعل وعسى، وهذا ليس دورها المنتظر، ولم نصل بعد إلى شكاوى منها تنشر في الصحف، وهو أمر ليس ببعيد.
والمجالس البلدية صورة حديثة، في السعودية، من صور إيصال أصوات الناس الطازجة قبل أن تدخل في نفق “للإفادة”، وهي قناة للبحث عن حاجاتهم ومعالجة التقصير في الوفاء بها، فهي المعبّر الوحيد حالياً عنهم إذا استثنينا الصحف ومحاولات الأفراد المتناثرة. وحتى لا تتحول هذه المجالس إلى مجالس تعقيب وإصدار خطابات من المهم أن يتم دعمها رسمياً، وأن تتوسع دائرة صلاحياتها، بحيث يحق لها أن تناقش كل الشؤون التي تهم المواطن، فلا ينحصر دورها في الأمور البلدية، وفي حدودٍ سقفُها النظافة، وقاعُها الصرف الصحي، مع أهميتهما، بل يجب أن يتعداه إلى الشأن الصحي والأمني والاقتصادي بمختلف قطاعاته، بما فيها أوضاع العمالة، وغيرها من قضايا تعتبر الهمّ الذي يدور في رأس كل مواطن. إذا لم يحصل هذا التطوير، فإن المجالس لن تعدو أن تكون مكاتب لإصدار الخطابات المزدانة بالأمنيات والتحيات الطيبات، يعرج عليها الأعضاء في أوقات فراغهم، وغالبيتهم مشغولون في أعمالهم الأصلية. في ظل هذا الواقع سينحصر الأمر في إتاحة “منصات” المجالس البلدية للأعضاء فقط أن يتصلوا ويصلوا “بشكل خاص” من دون أثر عام يذكر ويعبر حقيقة التعبير عن أفراد المجتمع وحاجاته. ولا أعتقد أن هذا هو الغرض من إنشائها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.