من القائل

لا علاقة للأمر بالشعر والشعراء، بل بمن ينصحك بأمر ويزيّنه لك، في السلع مثلاً والخدمات فتّش عن القائل ومن يكون؟ هل من مهامه الوظيفية الترويج كأن يكون موظفاً في العلاقات العامة أو التسويق! هنا يجب عليك وبلغة “الإنترنت” حذف كل ما رسخ في ذهنك من إيجابيات عن شخصيته وتحميل أو تثبيت صورة جديدة له حتى تقرر القرار الصحيح، أمر الفصل والفرز هذا بين الشخصيات المخزنة في فرد واحد أمر عسير، إلا أن قضايا السلع والخدمات أمرها سهل مقارنة بالصحة!
أزعم أن الغالبية منا يتأثر قرارها بالاتصال الشخصي ولو من غير متخصص مع أن بعض المتخصصين تحولوا إلى مسوقين، وفي قصة مؤلمة نشرت في  صحيفة “الرياض”، نقل شاب في العشرين من عمره وهو في حالة إغماء إلى الطوارئ، بعد تدهور حالته الصحية، نتيجة لصفعات قوية قام “بتركيبها” له أحد الصيادلة في حائل، ويظهر أن الصيدلي مشهور بالعلاج في “عروس الشمال”، والدليل أن شقيق الشاب أنصت لنصائح بعض أقاربه لعلاج أخيه، وذهب إلى الصيدلي المتخصص بالعلاج بالصفع، وبعد ثمان جلسات وحقن “الحقنة بـ 60 ريالاً”، وحبوب بـ 400 ريال للشريط الواحد، لجأ  الصيدلي إلى تخصصه الدقيق، وهو العلاج بالصفعة، كال للمريض صفعات عدة فأغمي عليه، واستدعت حالته نقله للطوارئ، وهو في العناية منذ عشرة أيام.
ومع الدعاء له بالشفاء العاجل، من اللافت أنه لم يذكر في الخبر ماذا حدث للصيدلي؟ هل تم اتخاذ إجراء ضده ليوقف العلاج بالصفع أم لا وكيف يسمح له بوصف حبوب وحقن، لكنها “الصحة في السعودية”، فهي مطروحة “للاكتئاب”! منذ زمن بعيد من دون علاوة “إنصاف”، وتم حصر الاكتتاب فيها بالمتخصصين، “وكلك نظر” في صحة الشهادات وقبلها الأمانة ومقدار قطر الذمة، وقد تورمت جيوبهم مثلما تورم وجه الشاب المصفوع، أما الرقابة والحزم فهما من سواليف العلاقات العامة التي تصل رداً على صراخ البشر وتنشر في الصحف. ولشيء في النفس أقترح تمكين  أقارب المريض ومن يعز عليه بصفع الصيدلي فربما يعود إلى رشده!
والحقيقة أن الذي تعرض ويتعرض للصفع هو الصحة، ولا أستغرب أن نقرأ قريباً خبراً عن العلاج بالركل والدهس، وربما التفحيط، يوضع المريض في مركز الدائرة ويكلف بعض “المتخصصين” بالدوران حوله بالسرعة أو الجرعة المناسبة، إما أن يشفى من مرضه خوفاً “بالفحطة” أو يدهس فيرتاح ويريح، أما الوزارة فقد تحولت إلى مقاولات تنفيذ المباني… الصحية للمستقبل! على رغم أن واجبها الأول والرئيسي ضبط الصحة وتجارها والمتلاعبين بها، ولكن النكتة الرائجة في رسائل الجوال هذه الأيام تعبر عن الوضع!
المهم أن تتذكر من القائل؟ قبل الإنصات للنصائح، لأن السذاجة تكاد تقتلنا.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.