سارع البيت الأبيض إلى التحذير من التفاؤل بنتائج حديث الرئيس بوش عن حرصه “المتجدد” على إقامة دولة فلسطينية، ودعوته لإحياء المفاوضات، لم يمض سوى أقل من 24 ساعة بين تأكيدات بوش و “تخفيفات” البيت الأبيض من التفاؤل بتلك الدعوة.
الملاحظ أن البيت الأبيض كان صادقاً للمرة الأولى. حتى أولئك الذين يبحثون عن بصيص أمل، وكتبوا مطالبين باستغلال الفرصة وعدم التقليل من أهميتها أسقط في أيديهم. لم يترك لهم البيت الأبيض فرصة للتفاؤل لأكثر من يوم واحد.
والعاقل لم يتفاءل بذلك الخطاب وما احتواه من دعوة لا تتجاوز حدود الكلام المتطاير، السبب أنه لا يتفاءل بمن ألقاه لا بقدراته ولا بنواياه ولا بتاريخ قرارات له في المنطقة، فإذا جمعته مع “بلير” المبعوث الخاص الجديد للجنة الرباعية ستستولي على رأسك سحابة التشاؤم.
أما إذا عدت سنوات إلى الوراء منذ أن أعلن بوش عن أهمية قيام دولة فلسطينية، وتفحصت واقع المنطقة، ستكتشف انه مع المبعوث الخاص قاما بتضامن سُمَّي بالتحالف لتقسيم العراق إلى مجموعات متناحرة، يجري العمل حالياً على قدم وساق لتحويلها إلى دويلات، وصنعاً بإصرار فوضى وشلالات من الدماء. يحق لي أنا المواطن العربي الموقع أدناه أن أطمئن البيت الأبيض بأنه لا حاجة لتحذيره أو تذكيره بعدم التفاؤل وتحميل الأمر أكثر مما يحتمل، الحقيقة أنه لم يتفاءل احد، وباستمرار وجود بوش في البيت “الأبيض” اسماً “الأحمر” لوناً لن يتفاءل احد، وإذا تذكرت وجود “بلير” مبعوثاً في المنطقة، فإن سحابة التشاؤم تتزايد كثافة.
العاقل أيضاً لا ينتظر سلاماً يحل على المنطقة قادماً من البيت الأبيض، ولن ينتظر ضغطاً على إسرائيل، ولا من بريطانيا التي هي أساس البلاء في المنطقة عندما قدمت بلداً عربياً هدية لليهود. ليس هناك من بصيص أمل إلا في العمل السياسي” العربي” المنظم داخل الولايات المتحدة، وهو امر بعيد المنال في وضع التشرذم والضعف. العبرة بما استطاع فعله الأعداء، وكيف تمكن “المحافظون الجدد” من اختطاف إدارة الولايات المتحدة وتحطيم بلد عربي على رؤوس سكانه.
ليطمئن البيت الأبيض.. إذ لم يتفاءل احد، هذا البيت العجيب، هو أقرب لبيوت الرعب، “مسكون” بأقنعة تتحدث عن السلام وحقوق الإنسان ولا تصدر سوى “الأخطاء” الكارثية لهذه المنطقة البعيدة عنه جغرافياً، القريبة جداً إلى أطماعه.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط