حد الساحر

أصبحت أخبار القبض على السحرة والأعمال السحرية الشريرة المرسلة بالبريد مقاربة من حيث العدد لأخبار القبض على المتسولين، وخلال الأيام الماضية خصصت القناة الأولى السعودية حلقات من برنامج “دين ودنيا” الأسبوعي لكشف بعض الأعمال الشريرة التي اقترفتها أيدي السحرة والمشعوذين، وتابع المشاهدون حواراً مع الشيخ عادل المقبل تعرفوا فيه على جهود “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في مكافحة السحرة والمشعوذين والقبض عليهم، وهي جهود مشكورة تنتظر الدعم والمساندة من المواطنين والمقيمين.
هذه القضايا من الناحية الإعلامية هي من القضايا الأولى في استقطاب المشاهدين، لذلك لم أستغرب أن تكون حديث الناس خلال الأيام اللاحقة، واقصد بالناس أولئك الذين ما زالوا يطلون بين فينة وأخرى على القناة السعودية الأولى ولم يحذفوها من قائمة قنواتهم المفضلة. وفي الوقت الذي أشد فيه على أيدي رجال الهيئة وأدعو لهم بالتوفيق والسداد في تخليص مجتمعنا من هذا الشر المستطير، لدي بعض الملاحظات على أسلوب البرنامج والتي لو أخذ بها في تقديري لحقق أثراً أكبر، وأشير إلى أن مثل هذه القضية المتجددة تستحق حلقة أسبوعية مستمرة تخصص لهذا الشأن. ومن ملاحظاتي أن كثيراً من التقارير الميدانية المصورة والتي تظهر فك أعمال شريرة وتبين أنواعها وأماكن إخفائها لا تتضمن قصصاً عن أسباب عملها. ومن المهم سرد القصص للمشاهدين حتى تكون الصورة كاملة لديهم ليتفاعلوا مع إعلانات هيئة الأمر بالمعروف في الإبلاغ عن السحرة، كما أنه لا يتاح للمشاهدين الاتصال بالبرنامج في حين خصصت الاتصالات لبعض الأخوة المشايخ، على رغم أن البرنامج موجه للتوعية والمشاركة للقاعدة العريضة من المشاهدين، إضافة إلى أن الضيف الرئيسي هو شيخ فاضل ومتمكن ولديه خبرة في مواجهة الشعوذة والسحر بل يباشرها بنفسه كما شاهدنا، لذلك يحصل تكرار زائد خصوصاً في مسألة الوعظ بخطورة هذه الأعمال على العقيدة والمجتمع وهو أمر معلوم لدى الأغلبية، مثل هذا التكرار قد يجعل بعض المشاهدين ينصرفون عن المتابعة فلا يحقق الهدف الرئيسي. ويتساءل المشاهدون، والكاتب واحد منهم، عن فجوة لا تسد في البرنامج، فنحن في حلقة الأسبوع الماضي شاهدنا ساحراً يمثل تلفزيونياً أسلوبه في التقرب إلى الشياطين والعياذ بالله تعالى، والأعمال التي صنعتها يديه، وكان الأولى أن تتم مقابلته بالصوت والصورة لنعلم تحت أي عمل تم استقدامه؟ ومن هو كفيله؟ ومن الفجوات أن المشاهدين يتساءلون عن أولئك الأشرار الذين يذهبون إلى السحرة لإيذاء الناس، هل تتابعهم هيئة الأمر بالمعروف إذا ما وقع الساحر في قبضتها؟ وهل يعاقبون؟ مثل أولئك الذين يسعون إلى الساحر لإيذاء الآخرين هم أكثر خطورة منه، لأنهم سيبحثون كل يوم عن ساحر آخر داخل البلاد أو خارجها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.