تجميد الأموال

يقع المستثمر السعودي الصغير بين فكي أنياب حادة، الأول تمارسه شركات ومؤسسات من القطاع الخاص يطلق عليه استثمار وبعد وقوع الفأس في الرأس يتغير مسماه إلى توظيف الأموال، والثاني تقوم به جهات رسمية مثل المؤسسات المالية الحكومية أو وزارة الداخلية وهو ما أسميه تجميد الأموال. ولأن الصراحة راحة فإن هناك من صغار المستثمرين من يشتبه بأن في الكواليس مستفيداً ما من تجميد الأموال!؟ وأنا أنقل ما يتداوله الناس، ولا أملك إثباتاً عليه ولو امتلكته لأرسلته بخطاب إلى الجهات المعنية.
 ولنخرج إلى الشركات المساهمة، قامت هيئة سوق المال بإيقاف التداول على سهم شركة الباحة، ولديها سبب مقنع ومحترم. شركة الباحة مقصرة في الإفصاح عن موازناتها، والمراقب يتذكر قبل سنوات أن مسؤولاً كبيراً في منطقة عمل الشركة كشف للصحافة عن الممارسات الخاطئة داخل الشركة بكل صراحة ووضوح يشكر عليه، والظاهر أن أوضاع تلك الشركة بقيت على ما هي عليه! السؤال الذي “يصلب” نفسه في سوق الأسهم يقول، ماذا تم رقابياً بعد تلك المكاشفة الصريحة القديمة في التعامل مع تلك الشركة؟ وإذا نظرنا إلى من هو المتضرر الحقيقي من الاجراء الذي تم في حق الشركة سنجد أنهم صغار المساهمين الذين لا يستطيعون الآن بيع أسهمهم، أما قضية الغرامة فسوف تدفع لاحقاً من حقوق المساهمين. هيئة سوق المال ستقول، ومعها الحق، أن هذا من اختصاص وزارة التجارة فهي المرخصة للشركة والمسؤولة عن مراقبتها، فماذا تم منذ إيقاف سهم الشركة؟ ولماذا لم تتم مساءلة الإدارة قبل ذلك للحفاظ على حقوق المساهمين الصغار الواقعة الآن تحت التجميد؟
ومع أن للهيئة الحق أطرح سؤالاً عليها يقول: ما هو الهدف من إيقاف التداول؟ الإجابة ستكون ليعلم الناس وتقدم الشركة بياناتها كخطوة في مسيرة الشفافية التي يقال عنها الكثير. حسناً وإذا لم ترضخ الشركة لهذا الأمر، هل سيستمر التجميد وإلى متى؟
من الواضح أن التنسيق بين هيئة سوق المال ووزارة التجارة في أدنى حالاته، آمل في أن لا يكون هناك “وقفة نفس” نتيجة للإشكالات التي حصلت في السابق حول حدود الصلاحيات لأن المتضرر هو المواطن أولاً والاقتصاد ثانياً والصدقية الرسمية ثالثاً.
وأعود إلى هيئة سوق المال لأطرح سؤالاً عن سبب عدم اتخاذها موقفاً تجاه الشركات التي تتأخر في صرف الأرباح وإيداعها في حسابات الملاك، لماذا لا تجبر هذه الشركات على إيداع الأرباح فور إعلانها، ومن المستفيد من وراء تجميدها لمدة شهر على الأقل لدى الشركة؟ وكم هي يا ترى الأموال المجمدة في حسابات الشركات وهي أصلاً أرباح قديمة لمستثمرين لا يعرفون طريقها لأن الإجراءات تم تعقيدها وإطالتها. الشفافية كل لا يتجزأ وهي ليست هدفاً بل وسيلة وأداة لتحقيق العدالة وحفظ الحقوق.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.