نقاش غاضب يدور حالياً حول صور “بلوتوث” لمعلمين يطبلون على مكاتبهم في الفصل الدراسي والطلبة يمارسون الرقص، هكذا قالت إحدى الصحف، وهي مشاهد لم اطلع عليها، وسبق لي أن شاهدت “بلوتوثا” لمعلم يدرس طلابه أو بالأحرى يقوم بتحفيظهم بعض القواعد بعد أن جعل لها لحناً، الرجل قام بتطوير ما كان معلمونا الأوائل يمارسونه في الحروف الأبجدية، ولم يرقص أو يطبل بل تفاعل معه التلاميذ وكسر بذلك طابع الرتابة الذي يصبغ الحصص المدرسية، لذلك لا أرى في ما فعله مثل هذا المعلم شيئاً منكراً، والذي آمله أن لا نقوم بقمع كل محاولات المعلمين التحسينية للتدريس بسبب اجتهاد خاطئ من بعضهم، مثل أولئك الذين طبلوا ورقصوا. والحرم المدرسي مكان يجب أن يكون له قواعده وانضباطه إلا أن هذا لا يعني أن يكون معزولاً عزلاً كاملاً عن واقع المجتمع، هذه القضية تدفعني لطرح أمر آخر أكثر أهمية وأبعد أثراً في نفوس النشء وهو القسوة اللفظية والبدنية التي يعامل بها بعض المعلمين والمعلمات الطلبة والطالبات وهو ما يمارسه كثير منهم مع الأسف.
سألت الطفلة جدتها:
“هل ستدخل أبلة فلانة الفلاني للجنة!؟”.
سؤال غريب وفيه رائحة استنكار من طفلة في الصف الثاني الابتدائي، وسبب السؤال هو “جلافة” الأبلة مع طالباتها وعصاها الطويلة المرعبة للصغيرات، لقد استقر في مخيلة الصغيرة أن الجنة هي للطيبين فهي الهدف والغاية، لذلك جاء السؤال البريء هل يمكن أن تدخل “أبلة” فلانة الفلاني إلى الجنة؟ وهي المعروفة بقسوتها وزعيقها على الطالبات، الله أعلم، ضحكت الجدة وقالت رحمة الله وسعت كل شيء.
معلمة أخرى في لحظة غضب تدعو على الطالبات بأن يصيبهن كذا وكذا من أصناف الأمراض والحوادث وتطالبهن جماعياً بأن يؤمننّ على دعائها عليهن!! وليس للصغيرات من مهرب فيردد جميعهنّ آمين.
معلم يدخل إلى الفصل الثانوي فيعرف بنفسه أنا الأستاذ فلان الفلاني، يرد أحد الطلبة قائلاً: “ونعم” أي والنعم فيك… رد جميل من طالب محترم. لكن بماذا يرد المعلم، هل يستطيع القارئ التخمين؟!
قال المعلم: “غصبن على خشمك”!!
تذكرت هذه المواقف القديمة الجديدة وأنا أقرأ خبراً منذ فترة، يقول إن طبيباً أوصى بحاجة طالب مرحلة متوسطة… لإعادة تأهيله نفسياً بعد أن تعرض للضرب من وكيل المدرسة، وبحسب الخبر “أوضح تقرير طبي أن الضرب ترك خمس علامات على ظهر الطالب وثلاثاً على ساقه اليمنى، وصاحب ذلك تورم واحمرار في مواضع الضرب وظهور صديد فيها”، مدير تعليم المنطقة التي وقعت فيها الحادثة، ويقع مثلها يومياً، قال إن الوكيل نفى ضربه للطالب، لكن العلامات على الجسد تحتاج إلى تفسير، فهل ضرب الطالب نفسه. في مكان آخر هناك طفلة صغيرة طالبة في الصفوف الأولى لوحظ عليها أنها تتلذذ بضرب نفسها، والسبب أنها عايشت ذلك في المنزل والمدرسة حتى صار مطلباً مرضياً.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط