تعرض الآن على خشبة المسرح الإعلامي مسرحية “خنق الفضيحة الجديدة”، ولهذه المسرحية أبطال كثر، بعضهم في الكواليس وبعضهم الآخر على خشبة المسرح أمام الجماهير، وتم فتح ستار عرض المسرحية ببيان من وزارة الدفاع الأميركية تنفي فيه ما نشرته مجلة نيوزويك عن امتهان المصحف الشريف من جانب محققين أميركيين في معتقل غوانتانامو الإرهابي، النفي جاء بعد أكثر من أسبوع من نشر الفضيحة، وتم رفع ستار مسرحية “خنق الفضيحة” وتوزعت الأدوار.
يمكن الاستفادة مما نقرأه ونشاهده هذه الأيام، لنتعلم كيف تخنق فضيحة في المهد. تركز المسرحية لتحقيق هدفها على مصدر الخبر وتم ذلك بنجاح وتراجعت المجلة وشككت في مصدرها، وقال بعض محرريها إنهم لم يسندوا هذا المصدر بمصدر آخر. لم تستطع المجلة الوقوف أمام عاصفة البنتاغون، وإذا تذكرنا أن مدير تحرير هذه المجلة استقبل بحفاوة هنا “كالعادة”! وعاد ليكتب في مجلته، مؤكداً ما تبثه جيوش المحافظين الجدد عن بلادنا ومجتمعنا من اتهامات مزيفة. نستطيع أن نعلم أنه لا يمكن أن تنشر قضية مثل تدنيس المصحف الشريف لولا التيقن منها، لكن لردود الفعل الغاضبة أحكام ولتجميل الوجه حاجات وأدوات. المجلة قالت في ما سمي اعتذاراً “إنها تسحب روايتها الأصلية التي جاء فيها أن تحقيقاً عسكرياً داخلياً كشف عن وقوع الامتهان”… وأضافت: “وأن المجلة غير متأكدة من مكان الوثيقة التي كشفت عن الانتهاك” ثم تأسف المجلة بقولها: “ونأسف للخطأ في أي جزء من هذا الخبر ونعبر عن تعاطفنا مع ضحايا العنف والجنود الاميركيين الذين وجدوا أنفسهم في قلب الحادث “هنا لب الاعتذار… الجنود الأميركيين!
لنعود سوياً إلى أهم سطر في الموضوع الأصلي للمجلة، فهي تقول: “إنها استقت معلوماتها من تقرير اطلعت عليه وأفاد… إلخ”. المعنى في الاعتذار أنه لم يعد لدينا وثيقة!
انظر إلى تعليق “ديلي تلغراف” اللندنية على اعتذار مجلة نيوزويك… قالت: “تراجع نيوزويك عما نشرته خطوة مذلة لها ولتاريخها”.
نعود إلى مسرحية “خنق الفضيحة” فهي تركز أولاً: على حصر القضية في خطأ صحفي وهي وجهة نظر البنتاغون وجنوده، وكل جندي له سلاحه ومستهدفوه… وقد تكون أنت منهم!، ثانياً: تركز على التخفيف من القضية بتحويل الأنظار عنها، وتوضع في بحيرة أكبر، مثل طرح قضية السنة والشيعة، وأنهم يقتلون بعضهم البعض، ولا تصدر إدانات من شيوخهم وهذا كذب فاضح لكنه صرفنا عن القضية الأساسية إلى أخرى أكبر تلاشت في وسطها.
ثالثاً: يتم الإشارة إلى مجموعات متطرفة تهدف إلى تأجيج الصراع بين الأديان، وأنها “استهبلت” طرح القضية واستغلتها، طبعاً المجموعات المتطرفة إسلامية، يظهر أن هذه المجموعات المتطرفة استولت على مجلة نيوزويك وجندتها لمصالحها، الحقيقة أن المجموعات المتطرفة موجودة هناك في واشنطن وهي التي أنشأت معتقل غوانتانامو أصلاً وضربت عرض الحائط بتطرف وإرهاب لا يوصفان بكل القوانين والأعراف… مثل هذه المجموعات وتلاميذها هل ستحترم المصحف وهي تحتقر وتمتهن وتقتل أتباع ما جاء فيه؟
أرى أمامي مسرحية من “قلة الأدب المكشوف”، فيها ما فيها من امتهان لعقول المتلقين، أراها مسرحية عراة، أبطالها عراة يحاولون جاهدين ستر فضيحة هناك وهم لم يستطيعوا ستر أنفسهم.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط