بالأمس اكتشفنا أننا أمام مسرحية أبطالها عراة، يحاولون ستر فضيحة مجلجلة، ولنرجع إلى التاريخ القريب جداً، إلى فضيحة سجن “أبو غريب”
مثلما حدث في بداية الكشف عن فضيحة سجن “أبو غريب” يحدث الآن في فضيحة تدنيس وامتهان المصحف الشريف في معتقل غوانتانامو، يُنفى الأمر جملة وتفصيلاً ويقال لذر الرماد في العيون موقتاً أنه سيتم التحقيق، ويُؤكد إعلامياً وعلى مستوى عال أن هذه الأمور غير مقبولة، ومجلة “النيوزويك” التي كشفت الأمر كانت أضعف من الوقوف أمام العاصفة، فتراجعت في العدد اللاحق وخطَّأت نفسها، في هذه الأثناء يصدر حكم على المجندة الأميركية بطلة فضيحة سجن “أبو غريب”، أشهرٌ معدودة ربما تقضيها في الخدمة الاجتماعية وربما في هاواي، كل هذا على رغم الأدلة الدامغة، صور لها وهي تعرِّي الرجال وتمتهن كرامتهم.
بالمنطق يمكن لك استنتاج أن قضية تدنيس المصحف الشريف “بسيطة” في عرفهم، فقط ردود الفعل العنيفة خصوصاً في شوارع بعض الدول الإسلامية هي التي دفعت البنتاغون للتحرك بعد أيام من نشر الفضيحة الجديدة لإطفاء الحريق، لكن مهلاً انظر إلى ما بثّته رويتر ونشرته الصحف، نقلت الوكالة عن معتقل أفغاني سابق قضى ثلاث سنوات في غوانتانامو ثم أطلق سراحه، وفي لقاء تلفزيوني مع قناة تبث باللغة “الباشتونية” قال عبد الرحيم: “كان تدنيس القرآن الكريم يجري يومياً بشكل روتيني خصوصاً في الأيام الأولى للاعتقال”، ويضيف “كانوا يرمون نسخاً من المصحف الشريف على الأرض ويدوسونها، ويقولون للمعتقل الذي يخضع للتحقيق إنه لا احد يستطيع منعهم من ذلك”. ويكمل عبد الرحيم أن السجناء أضربوا عن الطعام لأيام عدة وامتنعوا عن المشاركة في التحقيق، ولم ينهوا الإضراب إلا بعد اعتذار مسؤولين كبار في المعتقل. قد يكون الاعتذار سببه عدم تجاوب المعتقلين في التحقيقات، سلسلة فضائح ترصِّع صدر المحافظين الجدد الذين يسيطرون على الإدارة الأميركية، ويقال لكم ويكتب إما انها قضية فردية وغير مؤكدة أو تحصر في كونها خطأ صحافياً شنيعاً!
التدنيس في الحقيقة حصل ولدينا أكثر من شاهد من المعتقلين، ولأن المصحف طاهر مطهر فالواقع أن الذي تم تدنيسه هو وجه وزارة الدفاع الأميركية ووزيرها بكشف الحقيقة، مزيد من التعرية لهذا الوجه القبيح،
والأمر الايجابي الذي أراه في هذه الفضيحة الجديدة هو التحرك السريع للإدانة ومطالبة الحكومة الأميركية بالكشف عن الفاعل ومعاقبته، أرى أننا نتقدم قليلاً، الحكومة السعودية أدانت وطالبت، سماحة المفتي، مجلس الشورى السعودي، شيخ الأزهر، وكثير من المنظمات الإسلامية مثل منظمة المؤتمر الإسلامي وعلماء أجلاء من مختلف الدول الإسلامية، والمهم أن نحافظ على هذا الزخم، ونستمر في التذكير به في كل محفل أميركي وعالمي، ولا ينطلي علينا حصر الموضوع في خطأ صحافي و”تلحسه” المجلة الناشرة، وفي هذا الصدد أعتقد أنه من المناسب دعم حملة مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية “كير” للتعريف بالقرآن الكريم في الولايات المتحدة الأميركية على أن يتم توفير ترجمة للقرآن الكريم وليس القرآن الكريم هناك، ولنتقدم خطوة، ونستفيد من أخطاء من يكرهوننا ويكذبون ويريدون أن نصدقهم.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط