هندسة

تراجُع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف عن قرارها خفض مكبرات صوت المساجد، ليس له سوى تفسير واحد، وهو أنها لم تستطع إقناع الرافضين لهذا التوجه، وأعتقد أن القضية فنية بحتة وليست إدارية، والمعنى أنها لا تُحَل بتعميم إداري يوجه إلى القائمين على شؤون المساجد، ويطالبون بالانصياع له، بل يتم التوصل فيها إلى حلول من خلال المهندسين المختصين بالصوت، وبالعقل الذي أنعم الله تعالى علينا به، فإن المراد من هذه المكبرات هو إيصال الصوت إلى داخل المسجد والمحيط حوله بوضوح للمستمعين، لذلك أطلق عليها مكبرات فهي تقوم بالتضخيم ومضاعفة الصوت، وهي مسألة فنية بحتة يمكن قياسها وبرمجتها، ولا يمكن التشكيك في نوايا الرافضين لتوجهات الوزارة فهم في تقديري متوجسون، وقد يعتقد بعضهم مجتهداً أن في ذلك مقدمة للحد من صوت المسجد وصوت الدعوة، وليس كل مجتهد بمصيب. ومن الواقع يتوجه المصلون إلى كثير من مساجد الجمع ولا يستطيعون الإنصات للخطيب بسبب ارتفاع الصوت المبالغ فيه داخل المسجد، ويتحول الصوت المضخم إلى أداة تنفير وتشويش وضغط نفسي على المصلين، بل قد يصل الأمر إلى درجة التلوث الصوتي، وكما أسلفت فإن القضية فنية بحتة، ويجب ألا تخرج من هذا الإطار، وفي جانب منها هي قضية توعية لكل من يقف أمام المايكروفون خطيباً أو ناصحاً فهو يجب أن يعلم أن هذه الأداة مهمتها تضخيم الصوت، ولا يحتاج الأمر منه إلى رفع صوته، ونحن جميعاً نعلم قيمة الرفق في شرعنا. وإذا نظرت إلى أحوال كثير من المساجد في بلادنا ترى أنها سلّمت بصورة أو بأخرى إلى العمالة خصوصاً البنغلاديشية منها، فهي التي تتحكم بالفتح والإغلاق وتجهيز المسجد وحتى دورات المياه فيه، وهذا تقصير لم تستطع الوزارة تجاوزه… فلماذا لم تتم السعودة هنا، وإذا نظرت إلى أحوال التكييف في المساجد في أوقات تغير الفصول وتباين درجات الحرارة تجد حاله شبيهة بأحوال مكبرات الصوت، يتحول التكييف إلى مصدر للأمراض، والمتضررون هم المصلون من أطفال وشيوخ، وأعتقد أن حضور وزارة الشؤون الإسلامية في ادارة المساجد من الداخل ضعيف، وسبق أن طرحت ضرورة وضع ممرات للمشاة داخل المساجد ومن أطرافها، للتيسير على المصلين، خصوصاً في أوقات الخروج بدلاً من الفوضى وقطع بعضهم صلاة بعض، وتخطيهم رقاب المصلين، إضافة إلى ضرورتها عند حالات الطوارئ، ووجدت أن عدداً قليلاً من المساجد طبقها، إلا أن بعض المتأخرين من المصلين وجدوا فيها مكاناً للحاق بالصلاة مثلما يفعلون بسياراتهم خارج المسجد، وبأحذيتهم في طريق المصلين، وإذا لم نتعلم الرفق والانضباط في المساجد وعند أبوابها فأين سنتعلمه يا ترى؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.