زيت الأسهم

صديقي سعيد هو أحد عيوني على سوق الأسهم، وهو ليس من أسماك القرش ولا “الهوامير”، بل يمكن تصنيفه على انه من فئة “سلطان إبراهيم” مع بعض الفكة، أستمع إليه فأكون على علم بما يجري داخل السوق، وفي كواليسها واستراحاتها، وكنت إلى وقت قريب أعتبره من المطلعين والخبراء في هذه السوق، ولأنه لا يحب الأضواء لم تشاهدوه على القنوات الفضائية مع المحللين والموجهين والمغررين للسوق والمتعاملين فيها، وكنت أعتزم ترشيحه لهذه المهمة، خصوصاً عند الصعود الحاد والهبوط المرعب، وأحمد الله على أنني لم أفعل ذلك، وإلا لانكشف المستور.
ولدى سعيد تعبيران يستخدمهما عندما يتحدث عن السوق، فهو إذا باع قال انه “طش” السهم الفلاني، أما إذا اشترى فهو يستخدم مصطلح “القحش”، وهو لا يعلم إذا ما كان “قحش” عقارب أو أفاعي، ويعتبر نفسه مضارباً ولكن من وراء الشاشة، والمضاربة في سوق الأسهم تتم يومياً بين عدد كبير من الذين يتضاربون، الفرق الوحيد بين مضاربات الأسهم والشوارع، هو أن النزيف في الأولى يكون داخلياً وبطيئاً.
أما المستور الذي أسهم شهر رمضان الكريم بكشفه، فهو أنني لاحظت مع بعض الأصدقاء على سعيد اهتمامه الكبير بزيوت دوار الشمس، فهو لا يشتريها للمنزل فقط، بل يسوق لها، ويجمع ما ينشر في الصحف من أخبار يقال انها طبية، تشير إلى انخفاض الكوليسترول في هذا النوع من زيوت القلي والطبخ، مقارنة بزيوت الذرة والنخيل، وفي رمضان زاد سعيد من وتيرة التسويق، وترغيب من حوله في زيوت دوار الشمس، وكان الجميع ما زال يعتقد أن السبب حرصه على صحته وصحة أصدقائه، إلى أن احتد مرة في النقاش فاعترف بأنه اشترى أسهماً في شركة اسمها “شمس”، ولذلك فهو يروج لمنتجها الوحيد كما يعتقد، وكانت المفاجأة التي أذهلته أن شركة شمس لا علاقة لها لا بزيوت دوار الشمس، ولا زيوت المعدات الثقيلة، لا من قريب ولا من بعيد، فهي شركة للخدمات، وعلى رغم إننا ضحكنا وكركرنا وقتها، وأصابه شيء من الحرج، إلا أن الأمور انقلبت علينا، خصوصاً عندما جاء سعيد نافخاً ريشه وتوسط المجلس وهو يخبرنا بالصعود الكبير لسهم هذه الشركة الصغيرة، ليصل إلى أرقام شمسية، وقتها فكر كل منا مثل سعيد، أحدهم توقع أن لدى الشركة استثمارات في الطاقة الشمسية، وآخر افترض أنها حصلت على امتياز حصري لأشعة الشمس، وفي لحظة تحولت التوقعات والتخمينات إلى توصيات من خلال الهاتف الجوال، وعندما استنكرت على الموصي هذه الرسائل ونحن نعرف “البير وغطاه”، قال انه ليس أقل ممن يحصلون كل شهر على ألف ريال، رسوماً لتوصيات “الجوال”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.