يتميز طرح أسهم شركة “ينساب” الجديد بأنه أتاح نسبة 35 في المئة للاكتتاب العام، “سابك” وشركاتها احتفظت فقط بـ65 في المئة وهي حالة نادرة في السوق السعودية، إذا أخذنا على سبيل المثال بعض الشركات التي طرحت، نجد أن المؤسسين احتفظوا بالنسبة العظمى لهم وهم القلة، وتركوا النسبة الصغرى للأكثرية، فلـ “سابك” الشكر على أنها أول من أتاح للأكثرية فرصة أكبر من غيرها ولن تستكمل هذه الفرصة إلا بالعودة إلى ما أشرت إليه أمس.
ويمكن لـ “سابك” أن تتجاوز عقبات وعثرات صاحبت الاكتتابات السابقة، لعل أبرزها توافر نماذج الاكتتاب، ونعلم أن لوكيل اكتتاب “ينساب” تجارب غير طيبة في توفير النماذج في حالات عايشناها، وحتى لا نقرأ عن من اقتحم فرع المصرف بسيارته، ومن اشترى نموذج الاكتتاب من السوق السوداء بثمن باهظ، يمكن لـ “سابك” أن تسن سنة حسنة أخرى وتبعث نماذج الاكتتاب مع فواتير الكهرباء قبل مدة مناسبة من بدء الاكتتاب، سيسهم ذلك في فك اختناقات المصارف، وسيأتي كثير من المكتتبين وقد استوفوا بياناتهم بدلاً من تلك الطوابير والتوسلات، و”سابك” ليست أقل ممن يحشون أبواب منازلنا بمطوياتهم المملة. فهل تفعل “سابك”؟ وتتصدر لإتاحة الفرصة العادلة. وأعلم مثلما تعلمون أن “سابك” لا تستطيع خفض سعر الإصدار إلى عشرة ريالات مثلاً، لأن هذا محكوم بنظام الشركات المساهمة، وهو نظام مثل بيض “الصعو”، نسمع عن تحديثه ونلتفت فلا نجد شيئاً، لكن يمكن لـ “سابك” بما لها من مكانة أن تطلب من صاحب القرار استثناء بذلك، لأن لها غاية اجتماعية اقتصادية نبيلة، ونعلم أن أصحاب القرار في بلادنا همهم الرئيس هو مكافحة الفقر. إن للشركات العملاقة أهدافاً اجتماعية مماثلة لأهدافها الاقتصادية، تحقيق المداخيل العالية ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الرفاهية للمجتمع، فلم لا نختصر الطريق؟
في الإمارات قامت السلطات بحث المواطنين على التملك في أسهم بنك دبي الإسلامي قبل التجزئة ولم تسمح بتداوله لغير مواطنيها إلا بعد التجزئة فكانت أرباح المواطنين أضعافاً مضاعفة، ونحن نراوح ونتردد في قضية تجزئة سعر السهم ليكون متاحاً لذوي الدخل المحدود لتنمية مدخراتهم. إن أولى خطوات مكافحة الفقر هي في الحد من تخريج فقراء جدد، وأستغرب أن المعنيين في قضية مكافحة الفقر لا يلتفتون إلى سوق المال والإصدارات والسياسات التي تنظمها، يبدو أنهم سيقولون إن هذا ليس من “اختصاصنا”!
انظر لما فعلته حكومة الإمارات في تجزئة سعر سهم بنك دبي الإسلامي، وتذكر عزيزي القارئ أن سوقنا على أبواب السماح لغير المواطنين بالتداول ومعهم صناديق استثمار المصارف الخارجية والشركات الاستثمارية التي استعدت، وفي رواية أنها بدأت في بناء محافظها في الأسهم السعودية، وتصور من الذي سيختطف أسهماً بالأسعار المتوافرة في أسواقنا. إن بقاء الوضع على ما هو عليه لا يعني سوى مراكمة الفقر على الفقر، فهل تتصدى “سابك” لهذا التحدي وتقدم نموذجاً مشرقاً؟ أرجو أن لا تقول هي الأخرى: “هذا ليس من اختصاصنا!”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط