“غسول” المخ الفضائي

صبيان في العاشرة والتاسعة من عمرهما يسرقان مبلغاً كبيراً من صندوق أحد المحال، هذا خبر قرأته في صحيفة محلية، وفي المساء أطالع على قناة أفلام عربية، غير مشفرة، فيلماً أميركياً تتفق فيه مجموعة من المراهقات على سرقة مصرف وينتهي الفيلم بتحقيق كل مراهقة هدفها في الحياة بالمال المسروق، النجاة من العقاب وتمجيد السرقة التي قد يطلق عليها مغامرة، مع عرض لأجساد المراهقات، هو ما يحصل عليه المشاهد من أفلام من هذا النوع.
 ما علاقة الخبر بالفيلم؟
 العلاقة تكمن في أننا لن نستطيع المنع، وأن كل الأفعال المشينة والإجرامية قد تصل إلى الأدمغة الصغيرة بأسلوب مغر، خصوصاً مع عدم الاهتمام بالحد الأدنى من القيم في ما تبثه بعض القنوات؟ سابقاً ومراراً وتكراراً، دعوت إلى ميثاق شرف أخلاقي إعلامي، وما زلت أطالب به، وأضعه مرة أخرى أمام وزير الإعلام، السوق السعودية الإعلانية والاستهلاكية هي الحجر الأسود الذي تطوف حوله القنوات الفضائية، وهي قبلتها اليومية، ونستطيع من خلال حسن استثمارها أن نفرض الحد الأدنى من القيم التي لا يجوز المساس بها. لدينا جمعيات للإعلان وغرف رجال الأعمال وهم في الغالب المصدر الرئيسي للدعم المالي لتلك القنوات، ألا يمكن أن نؤثر فيهم؟ أليسوا منا ويحملون بعض همومنا؟ الجواب بنعم، وعليهم واجب أخلاقي تجاه المجتمع، وإذا استمر عدم اهتمام الرسمي بإيجاد ميثاق شرف إعلامي فلا سبيل لنا سوى مطالبة الجمهور بمقاطعة تلك القنوات، هذا جانب من الأخطار الفضائية على أفراد المجتمع وفي مواجهتها حلول أمنية وقائية، إضافة إلى ذلك أعرض لرجال الأمن  تجربة مهمة.
يخبرني صديق يعمل في أحد المصارف عن تجربته الثرية، وهي تجربة نجحت في خفض حالات الاختلاس والتهاون من موظفي المصرف إلى حد كبير وملحوظ، قرر المشرفون على التدريب تقديم جرعة كبيرة توضيحية للمتدربين والموظفين الجدد في المصرف، وخصصوا الجزء الأكبر منها لتوعية المتدرب والموظف الجديد وتحذيره من الوقوع في خانة “E”، وهي القائمة التي تضم أسماء الموظفين المختلسين والمرتبطين باختلاسات في المصارف، وهي تعني أن لا مكان لمن يقع فيها بوظيفة مصرفية مستقبلاً. زيادة الجرعات خفضت إلى حد كبير تلك الممارسات، وهي هدية إلى الإخوة في الأمن وفي وزارة الداخلية وهي الجهاز الكبير، من شرطة ومرور ومكافحة مخدرات، اذهبوا إلى المدارس الثانوية والجامعات وقدموا المفيد من الجرعات… لمواجهة غسيل الأمخاخ القادم من الداخل والخارج، وقولوا لهم إن لدى المجتمع خانة اسمها القاع وألا مستقبل لها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.