هيئة تذليل العقبات

الاتجاه العام منذ سنوات أن الوظائف محلها القطاع الخاص والرهان عليه قائم، ومع انخفاض الإنفاق الحكومي سيتعزز هذا الاتجاه أكثر، لكن يبقى القطاع الخاص بكياناته الكبيرة والمتوسطة محدود الاستيعاب ما بين التمنع لأسباب مختلفة إلى عدم القدرة أو التشبع، يضاف إلى هذا هلامية توطين أو ما يسمى التوطين الوهمي، وهو ما عملت عليه شركات مختلفة ما بين الكبير والمتوسط ردحاً من الزمن تحت سمع ونظر الأجهزة الحكومية المختصة لتلحق بهم منشآت صغيرة.

وفي السوق حالياً شكل من أشكاله، تشاهد منشأة تتوالد فروعها وتنتشر وربما لا ترى فيها موظفاً سعودياً واحداً، ولا يمكن أن يكون كلهم في الإدارة «بحسب نطاقات» وإلا لما افتتحت فرعاً جديداً، لكنه واقع يخبر عن خلل.

من هنا ادعو إلى اتجاه جديد لتحقيق الأهداف نفسها، فيخفف العبء على الكثير من أفراد وأجهزة حكومية وشركات ويفتح آمالاً وأبواباً أوسع.

الفكرة أن يتم رصد موضوعي ذكي للعقبات التي تواجه المواطن الذي يريد الاستثمار، خصوصاً صغار المستثمرين، والموضوعية هنا أقصد بها ألا يتم التعامل معه كما يتعامل مع الكيانات الكبيرة وإلى حين أن يكبر، أما الذكاء فهو في أن نحقق الهدف الأساس الذي نسعى لأجله وهو توليد فرص عمل لا توليد وظائف، فرص العمل ستحقق مزيداً من التوظيف وهي أكثر استقراراً.

إن العقبات المقصودة تشمل الرسوم المالية بكل مسمياتها وشروط الرخص والسجلات بكل أسبابها وأسلوب الحصول عليها وسهولة استخراجها، هذا الرصد لو تم واهتم فيه «نوعياً» سيكشف عن عقبات يمكن الاستغناء عنها من جهة الجهاز الحكومي المعني بها حين نضع الهدف الأساس في الاعتبار، لكنها – أي هذه العقبات – من ناحية المستثمر الصغير معوق كبير يدفعه للتخلي عن فكرة العمل الحر. ومن ضمنها عدم استقرار الأنظمة وعدم وضوح بعضها، أي خضوعها لمزاج الجهة أو الموظف الرقيب وتغيرها أحياناً بتغير الموظف. وفي اشتراطات وزارة العمل في ما يخص التوطين على المؤسسات الصغيرة صورة أخرى تدفع – بالطريقة التي تتبعها الوزارة – إلى أساليب بديلة معروفة وغير نظامية لكنها لمن يرغب في استمرار عمله طوق نجاة، لأن الخيار الآخر أمامه هو الخروج من السوق.

إن في رصد وتذليل العقبات توليداً للحلول، لأن الفرص كثيرة لكن لا ينجح فيها إلا من يعرف المداخل والمخارج، وهي ليست بالضرورة مداخل ومخارج نظامية، وفي المحصلة ضررها الاقتصادي والاجتماعي كبير وإن طال أمد ظهور أعراضه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.