احتضان الشوارع!

انفجر الشيخ مدهن من الضحك حينما قرأت عليه خبر رجل الأعمال الذي استولى على ثمانية شوارع لمدة 25 عاماً و«ضفها» بسور داخل أملاكه، استمراره في الضحك من دون توقف جعلني أقلق خوفاً عليه، ولم أطمئن إلا حينما قال وهو ما زال يضحك: رجل عصامي هذا عصامي!

والعصامية هنا لدى الشيخ مستمدة من العصامية الراسخة في الذهنية الشعبية، الذئبية، عصامي يساوي ذيب، احتضان 8 شوارع لمدة ربع قرن لا شك أن وراءه قدرات متشعبة من الصعب الإحاطة بها، خصوصاً ونحن نتحدث عن شوارع من عرض 25 وأنت نازل.

ولأن الشيخ مدهن تعود على الألغاز والتشفير، ما يحتاج إلى سؤال وجواب وطول كلام، فضلت الاستمرار في قراءة الخبر.

القضية ظهرت للسطح بعدما صدر أمر من إمارة مكة المكرمة لأمانة جدة «غير» بإزالة التعديات، ويبدو لي أن هذا من تداعيات أو «حثاريب» تسونامي «كفاية دلع»! قبل تلك الموجة العالية كانت القضية «مضغوطة» ما بين المواطنين المتضررين وفرع البلدية والأمانة، خطاب وإحالة ثم حفظ وهكذا، مثل الملفات المضغوطة لا بد لها من برنامج خاص للفتح، وقد يكون بعض المتضررين ذهبوا للإمارة بشكاوى فأحيلت إلى الأمانة لتجد لها شقة مفروشة جاهزة للسكنى في الملف المضغوط.

وفي الخبر الذي نشرته صحيفة المدينة عن «إنجاز» إزالة التعديات نقلت على لسان مواطن أن الشوارع «المحتضنة» من رجل الأعمال تقع «داخل السور وأصبحت فى حيازة رجل الأعمال»، مبيناً أن أملاكه يتم استخدامها بالكامل لتسيير مشروع «المكافحة المتكاملة للبعوض خارج المنازل» ومشروع «المكافحة الشاملة للآفات»، اللذين تنفذهما إحدى شركات رجل الأعمال.. انتهى الاقتباس.

عند هذه النقطة توقف الشيخ مدهن عن الضحك تماماً، وقال وهو يمسح الدموع عن عينيه: «كلها لأجل المواطن مشاريع لنظافة البيئة ومطاردة البعوض ومكافحة الآفات لصحة الإنسان عمود التنمية الأول والراسخ».

سألت الشيخ مدهن، وهو الخبرة، عن توقعاته هل سيفتح ملف ربع القرن هذا، أم لا؟ فكان الرد المتوقع: «كلام في الفايت نقصان في العقل».

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.