لاتناقش

هل تصدق أن الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية؟، إذا كانت إجابتك بنعم فأنت متفائل وقد تكون مجاملا وتريد >تمشية< أمورك المتعطلة·· و>الصباح رباح< ·
يمكن الموافقة على >النعم <،هذه في مجتمع آخر، أما في وسطنا فالحقيقة أن الود لايفسده سوى الخلاف في الرأي، خاصة وأن طرح الأخير على >موكيت< البحث يصيب المجاملة بالتآكل، ويجعل النفوس تضيق بالشحنات المتجمعة في دواخلها والتي قد تصل إلي حالة الصلابة بما فيها من خشونة ورؤوس مدببة، فيختفي سطح >الموكيت< الناعم لتظهر بطانة الخيش و البلاستيك ،
ليست المشكلة في إختلاف الرأي بل في المحاولات التي لاتكل ولاتمل لتغليبه وهيمنته، فقد فهم الكثير من >المتناقشين< أو المصابين بهوس النقاش بل الجدال، مقولة الشاعر> الرأى قبل شجاعة الشجعان<، على أنها طعان وجندلة لأصحاب الرأي الآخر، وجاء ذلك مما ترسب في أذهانهم عن الشجاعة فهي الكر والفر وخلع رقاب المواجهين، حتى ولو كانت في الرأي، النقاش في العادة في محيطنا له هدف واحد هو الأعلان عن الأنا ونفخها لأكبر قد ممكن يلغي أنا الأخر، فلايمكن هنا تعايش أنا المتناقشين أما موضوع النقاش فهو في الحقيقة ستارة وعذر للتفريج عن كرب الأنا المتورمة التي ضاقت من تورمها النفس التي تحملها، وفي حين يفترض أن يكون دافع النقاش البحث عن الحقيقة وفتح آفاق جديدة لعقول المتناقشين والإستفادة من زوايا رؤيتهم المختلفه بحكم إختلاف المواقع والتجارب، بما يمثله ذلك من إضافات للمجموع،فإن هذا الأفترض ملغي في أوساطنا لأن موضوع النقاش يأتي في أخر ترتيب سلم الأولويات، خلاف الرأي هو مثيل للخلافات الأخرى فقط الأسلحة تختلف ، وإذا ما تمادى الأمر فإن المتناقشين سيعودن لأسلحتهم القديمة البدائية، أما الود فهو موجود تحمية طبقة سطحية من المجاملة مثل تلك التي يسألك صاحبها عن أحوالك ثم يبادرك بسؤال أخر قبل أن يستمع لأخبار أحوالك، إنها شكل·
الخلاف يفسد الود··عندنا ، ولاتصدق غير ذلك، فإذا كان الموضوع لايهمك فلاتناقش، وإذا وجدت أنه قديم بالنسبة لك والمتحاورون إكتشفوه متأخرين فلاتناقش، وإذا كنت ممن يحاولون إرضاء الجميع فأنت ستكون من الصامتين المخلصين للغة الإشارة التي تجعل الكل يعتقد أنك معه، ويفوز الصامتين لأنهم يبلعون الأنا مؤقتا ويحتفظون بها لأمور أهم قد تكون ملموسة، المشكلة أن لدى كل منا لسان وإن إختلفت المقاسات ولحظات الخروج من الجحر·

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الاقتصادية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.