بودي الحصول على إحصاء لعدد الجزارين اليوم. في هذا اليوم يرتفع عدد الجزارين في بلادنا إلى أرقام كبيرة، يشتري الواحد منا الأضحية ثم يريد الفكاك منها صباح يوم العيد وفي أبكر وقت ممكن، لا مانع لأن يسلمها إلى سباك يحمل سكيناً وساطوراً، بعض منا يحرص على نحرها وبعضنا الآخر يتعامل بأسلوب تسليم المفتاح، والمفتاح هنا مجموعة من السكاكين التي خرجت من المخازن ليلة العيد. الأضحية بقيمتها الكبيرة الروحية والمادية تقدم بامتنان لأول شخص يرتدي لباساً ملطخاً بالدماء، كان بعض المواطنين يمتهنون الجزارة وكانوا أساتذة في المهنة، مثل هذه الأيام يتحولون إلى عملة نادرة ويفرضون الأسعار، لكنهم يستحقون فهم يعرفون عملهم، و”أعطي الذبيحة للجزار ولو أتلف نصفها”، لكنهم اختفوا لم نعد نرى أحداً منهم كما كنا في السابق، ولم يورثوا هذه المهنة لأبنائهم مثل كثير من المهن.
ولم يترك الجزار مهنته فقط، بل في هذا العام فوجئت بأن إحدى الشركات المساهمة التي عرفناها مربية وبائعة للثروة الحيوانية وبنت مجدها التجاري على ذلك مع منتجاتها من الألبان والتمور قد نزعت لوحاتها عن احواشها وسلمت الجمل بما حمل لمتعهد أو وكيل ولا نعلم السبب؟!
باعة الأضاحي يقولون إن ارتفاع الأسعار سببه إيقاف سورية تصدير الأغنام، هذا الخبر لم نقرأ عنه وقد لا يكون سوى حجة لرفع الأسعار، الملاحظ أن الارتفاع فاق كل التوقعات، ربما تكون زيادة رواتب الموظفين هي السبب أيضاً، جاءت هذه الزيادة البسيطة بارتفاعات كبيرة… فسبحان الله.
لنا مع الأضاحي قصة سنوية، وفي هذا العام ترددت أخبار حول إنشاء أكواخ للجزارة في الأحياء ثم تغير الحال ووضعت الأمانة مواقع أربعة أو خمسة في مدينة ضخمة مثل الرياض لاستقبال الأضاحي ثم إعادتها يوم العيد بعد ذبحها، ولست أعتقد أن هذا إجراء كاف أو حتى عملي، على الأقل صاحب الأضحية لا يعلم نوع الحمض النووي الخاص بأضحيته! واللافت أنني قرأت تصريحاً لمسؤول في الأمانة عن عمالة “متخصصة” لاستلام الأضاحي ونقلها ثم إعادتها مذبوحة لأصحابها، ولو قال عمالة مخصصة لكان أفضل، لأن التخصص في نقل الأغنام جديد علينا! والحقيقة أننا لا نعرف التخصص، وفي مثل هذا اليوم التخصص الوحيد هو “الجطل”… “اجطل وتوكل”، وإذا كنت من عشاق التصوير وتطمح أن تكون مخرجاً لأفلام وثائقية فاليوم يومك، اذهب بكاميرتك إلى أحد مسالخ الأمانة، ستخرج بساعات مثيرة أقترح عليك أن يكون عنوان عملك “كل عام وانتم بخير”.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط