هو أسلوب بيروقراطي يستعان به لرمي المسؤولية على جهات أخرى، على طريقة “برّا وبعيد”. في الجانب الآخر نرى أن الذي يريد
إنشاء أي مشروع يجد عشرات الجهات التي تطالبه بهذا وذاك، ويخرج موظفوها لمراقبة وتفحص المشروع، ثم يطلبون ويطلبون… وأيضاً يطلبون، ويأخذ مثل هذا الأمر وقتاً وجهداً وكلفة، أما إذا وقع حادث مثل انهيار الفندق في مكة المكرمة وتحول الأمر إلى مأساة قتلت فيها أرواح بريئة آمنة مطمئنة جاءت سعياً لأداء فرضها، وسبب هذا الحادث المؤسف الإساءة إلى سمعة بلد، وقدم صورة سلبية عن جهود أجهزة عدة تعمل طوال أربعة وعشرين ساعة، حدث مثل هذا يجعل التنصل هو خط الانسحاب عن الواجهة، والأمر لا يحتاج سوى إلى بيان أو تصريح مقتضب ينص على عدم الاختصاص، ولا يكون في التنصل بعض من الشجاعة ليقول من هي الجهة المختصة، إنها الجهات المختصة، وابحث عزيزي عن هذه الجهات المختصة!.
نتذكر، عندما حدث تفشي حمى الوادي المتصدع، حالة مشابهة، أثناء انتشار تلك الحمى كان التنصل علنياً الكل يرمي على الكل، على مستوى عال، ومع ذلك كانت هناك صراحة في رمي المسؤولية على الآخرين، وهذه الجزئية الصغيرة تحسب ايجابياً.
هناك أخطاء أدت إلى وفيات ودماء وأحزان وتشفي بعض وسائل الإعلام، وحرج لجهات رسمية عدة، ولا بد من الوقوف علي أسباب هذه الأخطاء ومعالجتها، لكن هل يجوز حصر الأمر في انهيار فندق؟، الأمر في تقديري أكبر من ذلك والبحث عن جذور المشكلة هو في مستوى أهمية حدث ترددت أصداؤه في العالم. الجذور المسببة باقية والحل الأمثل في إصلاحها من أساسها، وعندما قامت لجنة لإصلاح الجهاز الحكومي تفاءل الجميع وكان أن فصلت أجزاء من جهات وألحقت بجهات أخرى لكن الأمر توقف!
هناك تداخلات كثيرة في صلاحيات الأجهزة الحكومية المختلفة، وهناك مناطق رمادية بمساحات كبيرة تسمح لمن لا يريد تحمل المسؤولية بالمناورة واستغلالها، وتسبب أخطاراً وخسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة، والحل الأمثل أن يتم تكليف لجنة طارئة تستمر في الانعقاد إلى حين تقليص تلك التداخلات وحصرها إلى أقل حد ممكن، أما إذا بقيت الحال على ما هي عليه فسنظل نتوقع مفاجآت بعضها يصل إلى الإعلام ويحدث دوياً كبيراً كما هو حادث الانهيار، وبعض آخر ينخر مثل السوس بهدوء وجلد وتظهر رائحته في الإشاعات، أما نتائجه فهي تتراكم وتزداد تعقيداً محدثة إعاقات لا تنتهي.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط