تصور لو أن حكومات 57 بلداً إسلامياً استدعت سفراء الدنمارك المبتعثين لديها، لتوضح استنكارها وقلقها من محاولات تشويه صورة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، تصور لو حصل ذلك، هل كان من الممكن لمجلة نروجية أن تعيد نشر الصور الكاريكاتورية المهينة، ويتذرع رئيس تحريرها بتناقص الحرية في بلاده؟!
الـ 57 بلداً هي التي صاغ وصادق وزراء خارجيتها على بلاغ مكة المكرمة، الذي خرجت به قمة مكة المكرمة الاستثنائية، وفي بيان المؤتمر النص الآتي: “أكد المؤتمر ضرورة العمل الجماعي على إبراز حقيقة الإسلام وقيمه السامية، والتصدي لظاهرة كراهية الإسلام وتشويه صورته وقيمه وتدنيس الأماكن الإسلامية، والعمل الفعال مع الدول والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية، وحثها على تجريم هذه الظاهرة باعتبارها شكلاً من أشكال العنصري، وأعرب المؤتمر عن قلقه إزاء تنامي الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في العالم، وندد بالإساءة إلى صورة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في وسائل إعلام بعض البلدان، وأكد مسؤولية جميع الحكومات عن ضمان الاحترام الكامل لجميع الأديان والرموز الدينية، وعدم جواز استغلال حرية التعبير ذريعة للإساءة إلى الأديان”.
لماذا نتوقف عند إصدار البيانات؟ وفي قضية نشر الكاريكاتير المسيء لم تبدأ المواجهة الحقيقية إلا من قبل جهات شعبية أهلية إسلامية، وعلى رغم أن بلاغ مكة المكرمة احتوى على توصيات مفكري وعلماء الأمة، خصوصاً في ما يتعلق بمواجهة ظاهرة الكراهية للإسلام والمسلمين وتشويه رموزهم، إلا أن الأمر بقي حبيس الإدانة في البيان الذي اكتفى بالحث على العمل الجماعي، ولم نقرأ سوى عن مشاورات بين بلدين إسلاميين لمواجهة تلك الحملة الاسكندنافية، التي شوهت أول ما شوهت صورة الدنمارك والنروج في أذهان المسلمين.
عندما يتباكى رئيس تحرير على تناقص الحرية في بلاده، ويقرر مواجهة ذلك بالإساءة للمسلمين ورموزهم الدينية، ويختار توقيتاً دقيقاً، ذروة موسم الحج، فإن نية الحث على الكراهية والإساءة واضحة وضوح الشمس، رئيس التحرير الذي يقول، كما أوردت وكالات الأنباء، أنه “ضاق ذرعاً من تناقص الحرية في بلاده، و أنها مهددة من دين ليس غريباً عليه اللجوء إلى العنف”، الذي يقول هذا… نتحداه أن يمارس هذه الحرية في الدفاع عن المفكرين والمثقفين الذين أصدروا أبحاثاً علمية شككت في حقيقة الإبادة الجماعية في معتقلات النازية، فتم اتهامهم ومحاكمة بعضهم ونبذ البعض الآخر، ونتحداه أن يمارس هذه الحرية في فضح ما تقوم به الدولة اليهودية في فلسطين المحتلة، من دون أن يصاب بفيروس معاداة السامية.
إن على منظمة المؤتمر الإسلامي المسارعة بالاتصال بدولها الأعضاء، بل وتوجيهها لتطبيق ما جاء في بلاغ مكة المكرمة، أقلها استدعاء السفراء… وهذا من أضعف الإيمان.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط