يتحدث البعض في وسائل الإعلام عن استفادة السعودية من الحج اقتصادياً، يعتقدون أن الدولة تحقق عائدات ضخمة سنوياً في كل موسم، ولا يصدقون أنها تصرف سنوياً أضعاف ما يأتي به الحجاج من مال، بل قد لا يصدقون أن الخدمات الرسمية المختلفة، على أهميتها، تتأثر انخفاضاً في بقية مدن ومحافظات السعودية بسبب موسم الحج، لأن كل الجهود والطاقات البشرية والآلية قد سخرت لهذا الموسم. الواقع يقول إن أفضل الطاقات المتوافرة في السعودية تنتدب إلى موسم الحج للمشاركة في خدمة ضيوف الرحمن، إلا أن فئة قليلة العدد كبيرة التأثير تستغل موسم الحج تجارياً، ويقع هذا الاستغلال على حجاج الداخل والخارج، بمعنى أن المواطنين السعوديين هم من أوائل المتضررين، وفي الغالب لا يشتكي الحاج، التحدي يأتي من أنك وحتى تحصل على حج كامل تنال به رضا الرحمن وتعود نظيفاً كيوم ولدتك أمك يجب أن تصون جوارحك وفي مقدمها لسانك ويدك، من يستطيع ذلك يا ترى؟ وسط أجواء الحج التي نعرفها حق المعرفة، فإذا وقعت فريسة لتجار الحج المستغلين لتهافت المسلمين إلى مكة المكرمة ماذا تفعل؟ الغالبية لا يقدمون شكوى ويحتسبونها عند الله تعالى.
في الجانب الآخر تتأثر سمعة دولة وبلاد هي قبلة لأفئدة المسلمين وعنوان لهم، بل إنها نموذج لبعضهم، لذلك فإن الضرب بيد من حديد على تجار الحج ومستغليه لا بد أن يكون من الأولويات، لأسباب كثيرة يتداخل فيها الشرعي بالإنساني والوطني، ولا يجوز أن يتوقف الأمر على معاقبة أصحاب حملات الحج الوهمية بالغرامات المالية الضعيفة بل يجب أن يتم التشهير بهم على رؤوس الأشهاد، كما أن الذين يحصلون على مخيمات للحج ثم يعيدون تأجيرها يجب أن ينالهم عقاب أشد، وأولئك الذين يجمعون الحجاج من الداخل بأسعار مخفضة بعض الشيء ثم يرمون بهم على الأرصفة وفي ساحات منى للمبيت بعد أن يحشروهم في شقق في مكة المكرمة نهاراً، يجب أن ينالوا جزاءهم، ونحن بحاجة إلى النظر في أوضاع الحجاج الفقراء من الداخل والخارج وحتى يتوقف استغلال أوضاعهم.
لذلك فإن هناك عملاً كبيراً ينتظر الجهات المعنية بإدارة موسم الحج بعد انقضائه لتقويم الأخطاء وإصدار تشريعات جديدة توقف تجار الحج عند حدودهم… دعونا نستفيد من تجاربنا المتراكمة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط