سوق المسروقات

توصلت لجنة رسمية ناقشت أوضاع مواقع “تشليح السيارات” في جدة إلى نتيجة مفادها أن هذه المواقع “تشكل خطورة أمنية وفيها مخالفات صريحة وخطيرة لنظام العمل والعمال والعمل التجاري في شكل عام”، نقلاً عن جريدة “الوطن”. ونتذكر سوياً أخباراً عن اكتشاف سيارات مسروقة في بعض مواقع التشليح في الرياض، وهو ما يستدعي سرعة وضع تنظيم صارم لهذه المواقع النائية والبعيدة عن المراقبة المستمرة، ومن الجيد أن تصل لجنة رسمية إلى هذه النتيجة، والأكثر جودة السرعة في تقديم العلاج. هذا الخبر دفع بسؤال إلى السطح يقول: هل من الممكن لبعض إجراءات أجهزة حكومية أن توفر مناخاً مناسباً لبيع المسروقات؟ أنقل عن ثقات أخباراً قد لا يصدقها البعض، هناك تنظيم على مستوى عال لعصابات السرقة في أحد أحياء مدينة جدة، يمكنك عزيزي المسروق أن تستعيد ما سرق منك، خصوصاً الوثائق، بمبلغ معلوم، يتصاعد هذا المبلغ كلما كان تاريخ انتهاء الوثيقة بعيداً، والشهر بمئة ريال، مثلاً الإقامة المسروقة التي بقي على تاريخ انتهائها خمسة أشهر بخمسمئة ريال، وعليك الحساب، ويمكنك إذا دخلت إلى دائرة هذه العصابات أن تجد ما سرق منك بسهولة، إذ يظهر أن لديهم نظاماً جيداً للأرشفة فلا يطلب منك صورة للوثيقة أو أن تقدم “معروضاً”! وهناك وسطاء لهذا الأمر يمكنهم أن يدلوك ما دمت جاهزاً للدفع، المهم أن تدفع والويل لك إن لم تقم بذلك، توضع لك الوثيقة المسروقة في مكان معلوم تأخذها وتضع المبلغ بحسب التسعيرة.
أعود إلى السؤال المطروح، وأتصور أن بعض الذين تعرضوا للسرقة يضطرون إلى التعامل مع اللصوص ويخضعون مكرهين للابتزاز بسبب طول الإجراءات الرسمية وكبر حجم الغرامات، هذا الأمر أسهم في توفير البيئة المناسبة لبيع المسروقات على أصحابها، وهو صورة من صور الابتزاز، وتستطيع شرطة جدة أن تضع فخاً بواسطة أحد المتعاونين معها وتكتشف تلك الحلقات الإجرامية، ثم تشمل مواقع تلك الحلقات بالحملات الأمنية، ولعل من المناسب إعادة النظر في الرسوم وخصوصاً الغرامات التي لا تضع أهمية أو قيمة معقولة للشهور والأيام الباقية أو المنصرمة، فقد وضعت الغرامات والرسوم لتحقيق أهداف عدة، وإذا أصبح يستفاد منها بهذا الشكل فلا بد من إعادة النظر فيها، بهذه الطريقة سيتم خنق سوق المسروقات، كما أنها ستحد من تجارة التزوير، ولعل القارئ الكريم يتذكر الأخبار التي تنشر عن القبض على “أكبر” مزور، ومن تعدد هذه الأخبار أصبح لدينا أكثر من كبير في التزوير، قبض على أحد هؤلاء الكبار في حي غليل بجدة ولديه أختام رسمية لسفارات وقنصليات ومراكز صحية لفحص العمالة وجهات أخرى عديدة، ومن كثرة ما وجد لديه من أختام يستحق وصفه بـ “مكتب الخدمات الشاملة… السريعة”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.