القربة المشقوقة وأخوها الجيب

للجيب المشقوق علاقة وطيدة بالقربة المشقوقة، هما أخوان في رضاعة الهواء! قبل أن نبدأ، إليكم أطرف نكته سعودية طازجة، أضعها حلقة جديدة في المسلسل الحصري “المضحك المبكي” تقول الطرفة السعودية إن مواطناً فصّل، أي خاط، ثوباً جديداً من دون جيوب، المعنى “ثوب ما فيه مخابي”، فهو لم يعد يحتاج إليها، بالعربي لم يعد لديه شيء يضعه فيها، كانت جيوب الثياب ثلاثية الدفع، واحد على الصدر فوق القلب مباشرة واثنان على الجوانب، هي في العادة تمتلئ بالمفاتيح أكثر من أي شيء آخر، في المرتبة الثانية تأتي قصاصات الأوراق ومن كل بحر قطرة… ومسبحة لزوم “التأمل والتلفت”. توقع أو تفاءل بعض الناس أن باستطاعتهم ملء الجيوب الثلاثة أو اثنين على الأقل، لأن ذلك المعلق على الصدر مخروم في العادة” اللي فيه ما هو لراعيه”، فكان أن طارت جميعها إما في المساهمات المغشوشة أو في سوق الأسهم، بعدها تفرغوا للنفخ في قربة مشقوقة.
للثياب “السادة” التي بلا مخابئ فائدة فهي تجعل من يلبسها “ينفخ” بقوة أكبر، فليس هناك من أثقال أو ثقوب “تنسم” وتخفف من قوة النفخ.
مساء يوم الاثنين الماضي كنت ضيفاً على برنامج “بصراحة” في القناة الرياضية السعودية، البرنامج ناقش قضية الفوضى التي حدثت عند تقدم 15 ألف، أقول ألف! شاب على 500 وظيفة في معهد الجوازات وما حصل نشر في الصحف وتمت مناقشته في الحلقة، البرنامج كان مباشراً على عكس تلك البرامج “المثيرة” المسجلة! اتصال من أحد الشبان اسمه سعيد يبدي فيه شعوراً بالإحباط الكبير، في إشارة إلى عدم التقدم خطوات معتبرة في حل قضايا كبيرة على رأسها البطالة والسعودة، شاب آخر هو فارس البقعاوي يكتب الآتي: “لو رجعت إلى كلمة يائس في القاموس لوجدت صورتي بجوارها”!؟ وليس سراً أن عدداً من التعليقات التي تصلني على ما أكتب تتمحور حول “أنت تنفخ في قربة مشقوقة”، “لا حياة لمن تنادي”، “لقد أسمعت لو ناديت حياً”، “طيب.. ومن يسمع؟”، “ألم تُصَبْ بالملل”! وكنتُ في مقالات سابقة أحذر من خطورة نقص ثقة الشباب والجمهور بالأجهزة الحكومية، ما ألاحظه من متابعتي واهتمامي بهذه الشؤون أن هذه الثقة في انحدار، ومن واجبي الاستمرار في التنبيه.
قدمت في البرنامج فكرة إلى وزارة العمل لدفع السعودة إلى الأمام وهي أن تعلن كل عام أسماء الشركات العشر الأسوأ في تحقيق نسب السعودة، كما تعلن في كل مناسبة أسماء الشركات والمنشآت التي “تسعود” وهمياً مع إعادة الحقوق لأصحابها الشباب، فهل ما زلت أنفخ في قربة مشقوقة؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.